إنه شخصية بوزبال "الكارتونية" أو " الترول فايس"(1)، تلك الشخصية
العنيدة، التي لاتفقه في الأمر شيء وتحمل من البلادة كل ما هو هزلي، تتخد
من الشارع فضاءا للتعبير، ببساطتها وأقوالها و ردات فعلها ترسم البسمة على
وجوه الآلاف من المغاربة على الفايسبوك في وقت تعيش فيه السيتكومات في
الحضيض. فرغم أنه شخصية كارتونية إلا أنه يتحدث مع المتلقي بكلماته و قسمات
وجهه. التي تبدع فيها أنامل رسامي صورها ومنتجي فيدوهاتها. فسيناريوهات
الشخصية غالبا ما تكون مستوحاة من عمق يوميات الشباب المغربي لكن ببصمة
"بوزبالية" خاصة إن صح التعبير.
فصفحات شخصية "بوزبال" على الفايسبوك أصبحت الأعلى تفاعلا وتعليقا من
بين الصفحات المغربية، مما يصاحبها من "تقشاب" وإبداع ينتقد بسخرية الشباب
المغربي ووضعه في المجتمع و انتظاراته من الساسة ... فالشهرة التي لقيتها
هذه الشخصية ما هي إلا انعكاس لحقيقة أوضاعهم اليومية على العالم
الافتراضي، لعل أصحاب القرار يفكون شفرتها يوما ما، فالأدهى من ذلك، أصبحت
لـ "بوزبال" عائلة افتراضية كبيرة أي صفحات أخرى كـ " أخت بوزبال" و "نسيب
بوزبال" ...، حتى يتسنى لكل الأعمار والفئات متابعة جديده المضحك، الذي وصل
صيته إلى الإعلام المغربي الذي خصص عنه ربورتاجات، لربما يفهموا ذوق
المغاربة في الضحك والسخرية ويغيروا برمجتهم الرمضانية، التي يصفها
المغاربة بـ "الحموضية" نسبتا لرداءتها وميوعتها بالركوب على موجة الضحك
والإضحاك.
يستخلص من نجاح شخصية "بوزبال" و "لوبغاسون" إلى غيره من الشخصيات على
الفايسبوك، أن المغاربة تضحكهم البساطة، و السخرية من مجتمعهم، وأوضاعهم
وساستهم ...، في قالب هزلي لايكلف دار البريهي وعين السبع الملايير من
الدراهم التي تستخلص من جيوبهم، والتي لاترسم حتى الابتسامة على مائدة
الإفطار في رمضان، في حين أن صور وإنتاج فيديوهات عن "بوزبال" لا تكلف
ميزانيات خيالية ولا أشهرا من الانتاج، وتلقى تجاوبا منقطع النظير حيث تصل
التعليقات وعدد المعجبين إلى مئات ألآلاف يوميا، لأنه منتوج فني افتراضي
يتأسس على جذور ثقافية يجد له متلقيا و جمهورا يتفاعل معه تفاعلا وجدانيا.
لكونه لم يستغنى عن قيمة الهوية المغربية التي بدونها يفقد الإبداع أحد أهم
العناصر الضرورية للتأثير حتى وإن تحققت فيه كل الشروط الفنية والتقنية.
كل موسم رمضاني، نعيد نفس الكلام حول ما يقدمه التلفزيون المغربي خلال
شهر رمضان، خاصة ما تعلق منه بجانب التسلية والفكاهة. وكل موسم رمضاني، نقف
عند نفس الكارثة مندهشين أمام تطور هذه الفكاهة من السيئ إلى الأسوأ.
ويبدو أن دار لقمان ستبقى على حالها، مادام المسؤولون والقائمون على اختيار
هذه البرامج يصرون على إفساد الذوق العام. في حين شخصية "بوزبال" تستمر في
إضحاك العباد بلا كلل ولا ملل.